Monday 13 October 2014

السفارة الإسرائيلية

كنت في المرحلة الثانوية دائم الجلوس علي المكتب متظاهرا بأني أستذكر دروسي وبجواري المذياع وكانت حيلة لأقناع أمي بأني مجتهد وطوال الوقت منهمك في دروسي حتي أستطيع أن أطلب منها نقودا لزوم مستلزمات المذاكرة وهيا الجلوس علي قهوة الحاج كامل وشراء نصف علبة سجاير كيلوباترا
كنت مغرما بالمذياع متنقلا بين موجاتة باحثا عن صوت مونت كارلو أو الشرق الأوسط أو حتي صوت اسرائيل حيث كنت أحفظ مواعيد البرامج علي ظهر قلب
في تلك الفترة كان لي صديق يدعي محمود شخصية مستفزة متحكمة يتلذذ بالتحكم فينا نتيجة أنة كان يعيش في ليبيا في فترة زمنية معينة جعلتة يستطيع أمتلاك أشياء بعيدة المنال عنا
كنت دائما في حالة غيظ مستمر منة نتيجة لفعالة معنا ولكن كان أساس صداقتنا هيا والدتة فكانت كريمة جدا معنا لأننا اول مرة نري التورتة خارج محلات الحلويات فكنا نتحمل غلاسة محمود بالساعات حتي نتذوق مالذ وطاب مما تقدمة أم محمود لنا وأيضا للذهاب معة لمقر عمل والدتة حتي نري الممرضات بالزي البيض الضيق والتأمل في أرجلهن ومحاولة التحدث معهن أو معرفة تليفوناتهن من وراء ظهر أم محمود
بعد نهاية البث الأذاعي لصوت مونت كارلو كانت هناك برامج تبشيرية باللغة العربية حتي أنهم كانوا يذكرون عنوانا لهم داخل مصر من الممكن التراسل معهم وأرسال كتب لك مجانا
فتفتق ذهني علي خطة جهنمية كمقلب في صديقي محمود بٍارسال خطاب بأسم صديقي وعنوانة طالب امدادي بالكتب اللازمة
وبالفعل تم ارسال طرد كبير علي عنوان صديقي محمود في مظروف يحمل علامات الجمعية التبشيرية فجن جنون صديقنا وبالمصادفة كنا معة أثناء أستلام المظروف ومعنا صديقنا عصام ورأينا الدهشة مرسومة علي ملامحة وفاة مفتوح كانة مصيدة فئران
تحدثت قائلا (كيف ذلك؟)
أنت خلاص أتعبط عاوز تغير دينك ياذنديق كتب موش عارف أية طيب لو مجلات ثقافية كنا قولنا ماشي خير وجالنا مابتصليش وقولنا ماشي لسة عيل وكل يوم بيعملها علي نفسة مراهق وربنا يهدية لكن توصل لدرجاتي ....... واللّة أحنا متبريين منك ليوم الدين وحانفضحك فضيحة البت زغزغة وحانيجي هنا بس عشان نزور أمك الغلبانة وناكل الرز باللبن بتاعها وحابلغ فيك جماعة الجهاد عشان تقطعك حتت في الشارع ياذنديق
في داخل نفسي لم أستطع أن اكتم ضحكي علي منظر محمود لأنة في لحظة صدق أنة فعل ذلك لكنة أفاق من ذلك وقرر الذهاب الي مكتب البريد
ذهبنا معة الي مكتب البريد وتقابلنا مع موظف ملتحي شبة الممثليين اللي كانوا بيطلعوا كفار في الأفلام
قال لة محمود (أنا جالي الجواب دة وانا معرفش اذاي جالي لأني مابعتش حاجة أصلآ ليهم)
فنظر الموظف الي المظروف ثم تغير وجهة من اللون الأبيض الي الأخضر الي الأحمر مظهرا الغضب في عينية قائلآ
(موش دة عنوانك؟)
رد محمود (أيوة دة عنواني)
فنظر الية الموضظف قائلا (أعوذ باللّة ولاحول ولا قوة الا باللّة)
فقلنا أنا وعصام في نفس اللحظة (لاحول ولا قوة الا باللّة لعنك اللّة يافاسق حد يعمل كدة طيب عندك كتب الشعرواي كلها حكم ومواعظ طيب روح ذاكر حاجة تنفعك)
أقتربت من محمود قائلآ (أخلع يامعلم شكلة من الجماعة المحظورة وعارف عنوانك وأسمك دلوقتي وممكن نلاقي فتوة طلع بأسمك من أسامة بن لادن ولا من ايران أن قتلك واجب مقدس وأنك ذنديق رسمي
أحمر وجة محمود خوفا وأطلق ساقية للريح ولم يظهر طوال اليوم حتي أننا في اليوم التالي اتصلنا بمنزلة فأجابتنا أمة بأنة منذ الأمس أسفل السرير زاعما أنة يصطاد فار أسفل السرير حتي الأكل ياخذة معة أسفل السريرولا تستطيع أقناعة بالخروج من أسفل السرير فأجبتها بأني في الطريق إلية (بس ياريت تحضرليلي طبق الرز باللبن عشان نفسي فية)
ذهبنا إلية أنا وعصام ونحن نرسم علي وجوهنا علامات الخوف والقلق فعندما شاهد وجوهنا من أسفل السرير
قال (إية في إية؟ ياجذمة أنت وهوا انا خايف أطلع من تحت السرير من إمبارح
فقلت لة (محمود الناس بدأت تتكلم عنك وسمعنا شيخ الجامع بيدعي عليك وقال عنوانك في الدعاء بعد صلاة العشاء)
فتعجب محمود قائلآ (هما أنتم بتصلوا اصلآ دة لوما أساميكم عمري ماكنت حافكركم مسلمين)
رد عصام قائلآ (لا أحنا خلصنا الدرس وكنا شاريين سيجارتين وكنا بنشربهم ورا الجامع)
ظل محمود سجين البيت لمدة أسبوع حتي اطمئن أن كل شيء علي مايرام
أستمتعت بمنظر محمود وحركاتة الأرتيابية في كل من حولة والخوف من السير في الطرقات لوحدة ظنا منة أنة سوف يطبق علية الحد وأنة أصبح رمز للرّدة وكنت كلما أراة أقول لة (واللّة لو كنت أيام الرّدة كان دبحوك زي العجل الأسترالي ...... طيب بدل ما أنت عاملي مثقف ذاكر الكتب اللي عليك بدل ما أنت ساقط كل مرة وبنزور الشهادة كل شهر دة فاضل شوية حانزورك شهادة الثانوية
كم أسعدني هذا المقلب في صديقي وشجعني عن أبحث عن مقلب أخر أشد وأقوي
وجاءت اللحظة عندما سمعت عنوان السفارة الأسرائيلية بالقاهرة في إذاعة اسرائيل وهذة كانت فرصة رائعة لأننا كنا من الصعب معرفة عنوانها بالقاهرة
أرسلت خطاب بأسم محمود إلي السفارة معبرا عن رغبتي لمعرفة المزيد عن السياحة ومعرفة أصدقاء داخل اسرائيل وكتبت عنوان لهم ولكن هذة المرة كان الحدث أكبر أعظم فلنحكي القصة من البداية .........
دق جرس الباب عند محمود حيث كان ساعي البريد وهوا يحمل مظروف كبير مكتوب علية السفارة الأسرائيلية ولسوء الحظ أن أم محمود هيا التي فتحت الباب فسألها ساعي البريد بغضب (بقولك إية يامدام أنتم ليكم قرايب يهود ؟) فذهٌلت أم محمود قائلة (لية بتقول كدة ؟)
أجاب الساعي (أبنك جايلة جواب من السفارة شوفي بقي أبنك بيعمل أية مع السفارة أنتم نسيتم اللي حصلنا من اليهود حرام عليكم ياعالم ياظالمة)
دخلت الأم وكل الغضب يكسو ملامحها والمؤسف أنها كانت تحضر لنا كريم كارميل ولم يكتمل بسبب ماحدث حيث قذفت بالظرف في وجة محمود قائلة (أبني أنا يتعامل مع اليهود وأسم أبوك الطاهر يدخل السفارة
تسائل محمود (سفارة أية؟)
نظر محمود إلي الظرف قائلا (ياخراب بيتك يا محمود أنا روحت في داهية)
نظرت الأم إلينا قائلة (شوفتم الخيبة بتاعة صاحبكم السفارة الأسرائيلية)
أجاب محمود (واللّة ماعملتش حاجة أنا معرفش غير عنوان ميكي وسمير)
نظرت إلية قائلا (أخس عليك قولنا كتب تبشيرية وعدناها وقولنا ربنا هداة جايز كان بيحب بت موزة لحست عقلة لكن ....... السفارة أنا كان قلبي حاسس أنك حاتبيع البلد دي ........ نسيت يا محمود النيل اللي لسة ماشربناش منة عشان المجاري ......... نسيت الأستاذ محمد ثروت لما عني عاوزينها تبقي خضرا
فتسائل عصام (هوا كان صحيح بيغني للجزاير عشان ماتش الكورة بتاع كاس العالم؟)
أجبتة قائلا (اسكت ياهطل ......... نسيت محمود ياسين لما قال دي مصر ياعبلة ولّة عشان الموساد مليان موزز حلوة وجامدة ومن كل لون خلاص حاتبيع الشارع بتاعك وتتجسس علي عم عبدة البقال ؟ ......... طبعا بيبيع التموين واسرائيل حاتموت وتعرف سر شاي التموين اللي كلة خشب وفيتامينات )
رد عصام قائلا (بجد موضوع الموزز دة يعني اللي بيشتغل معاهم مافيش بوليس أداب ولا فيديو إيجار ؟)
أجبتة قائلا (ياعبيط ماشوفتش أبوك محمود عبد العزيز في رأفت الهجان كان هايس في نص حريم اسرائيل وعمك عادل أمام في النص التاني دة أنا سمعت ان العركة كانت شغالة بينهم بسبب كدة)
أجاب عصام (قصدك في المسلسل بتاع رمضان؟)
أجبتة (مسلسل ولا فوازير أهم كانوا هايصيين )
صرخت أم محمود قائلة (كفاية روحوا البريد شوفوا حكاية الظرف دة )
أجبتها قائلا (طيب مافيش طبقين جيلي لية وللواد عصام اليتيم دة دا أمة لسة مطلقة من أبوة )
في مكتب البريد وجدنا نفس الموظف الملتحي مرة اخري أمامنا وقد أنعكس ذلك علي وجة محمود وأقترب مني قائلا (موش انت الزعيم ؟ أسألة عن الظرف عشان الراجل دة أكيد فاكرني من المرة اللي فاتت قولتلة ماشي ياكوتش )
أقتربت من مكتب الموظف ومعي الطرد قائلا لة (فاكر محمود زميلنا اللي جاتلة قبل كتب تبشيرية وأنت كنت عاوز تولع فية اللي واقف دة ..... أهو عمل عملة سودا والسفارة الأسرائيلية بعتالة الظرف دة وأمة بتسلم عليك وبتقولك شوفلنا مين اللي عمل العملة السودا دي)
فوجئت بالموظف يهب واقفا قائلا ( أعوذ باللّة حاتبيع أهلك وناسك حاتبيع تراب بلدك أنت أهلك سيبينك كدة مفكر نفسك جيمس بوند واللّة التمثلييات بوظت دماغكم ) 
فلم اجد محمود ولا عصام بجواري
أجبتة قائلا (في أية ياعم الراجل غلط مع واحدة يهودية والسفارة كانت عاملة جلسة عرفية وجايبيين مشايخ عرب عشان الصلح ونراضي أهل البت والواد يصلح غلطتة )
محمود مرة أخري أسفل السرير لكن هذة المرة خوفا من المخابرات وأمن الدولة
أتفقت مع عصام أن يجعل أخوة يتصل بمحمود ويخبرة أنة هناك موعد لة في أمن الدولة وسوف يتم تحديد الموعد في وقت لاحق
ذهبت أنا وعصام قائليين أن هناك أشخاص حضروا إلينا متسأليين عن نشاطك السياسي والكثير من المعلومات مثل أسم أمة ومقاس لبسة في الجذم وأفعالة في المدرسة
فأخبرتهم أنك صايع وطول النهار قاعد تحت مع المصوراتي عشان تعاكس البنات اللي جاية تتصور والبنات بتتضحك عليك ويخدوا فلوسك
أجاب عصام قائلا ( أنا قولتلهم العكس تماما أنك بتصلي الفرض بفرضة في الجامع ومربي دقنك بس دقنك بتطلع جوة بقك)
فاجاب محمود من أسفل السرير (دة هما كمان كلموني وعاوزني)
أجبتة قائلا (بقولك أية يا محمود موش أمك بجبلك الأكل تحت السرير ومعاك المجلة الثقافية بتاعتك خليك تحت السرير لمدة أسبوع ولو عاوزينك حايجولك هنا تحت السرير وياعم لما يجوا خلي أمك تعملهم رز باللبن وماتنساش الطبق بتاعي وياعم اللي أنكسر يتصلح)
أجاب عصام قائلا (وأنا عاوز طبق جيلي فراولة بالموز يامعلم )
فنظرت إالي محمود قائلا (بقولك أية يامحمود موش أنت ياتيم وأمك أرملة؟)
أجاب (أيوة)
أجابتة قائلا (ماتجوزني أمك واللّة موزة وحاعملك زي أبني وبالمرة تعملي رز باللبن كل يوم)
تمت

No comments:

Post a Comment